
الضرائب الباهضة لعدم وعينا المالي
مهما كان منصبك، و مهما علا راتبك و امتيازاتك، سواء كنت طبيب، مهندس ،أو حتى وزير فأنت يا عزيزي في ورطة لا تحس بها . أنت يا عزيزي تتعرض لأكبر سرقة في حياتك ذلك انك تتلقى راتبك في أخر الشهر مقابل وقتك الذي تقضيه في الدوام أو بالأحرى عمرك الذي يمضي مع الأيام، لو سألت أي واحد كم تريد مقابل عمرك فقط أطلب أي مبلغ ؟ لرماك بالجنون !! و الحقيقة أننا نفعل ذلك دون إدراك منا أو وعي، نفعل ذلك كل يوم و نحن في الدوام.
استنزاف العمر :
يقضي الواحد منا في العمل حسب الدراسات قرابة 117 ألف ساعة ،أي ما يقارب 11 عاما ونصف من عمره ، هذا في الدول الغربية التي لا تتعدى في الغالب 8 ساعات من العمل يوميا، أما في عالمنا العربي فأتوقع أن تفوق النسبة ذلك بكثير، لذا يتوجب علينا إدراك هذه النقطة جيدا و مراقبة أعمارنا التي نهبها لأشخاص أو شركات يبنون على أنقاضها مجدا لأنفسهم و شركاتهم كنا نحن أولى به من غيرنا .
صحتك ينخرها الدوام :
كشفت تقارير لمنظمة الصحة الدولية أن هناك 13000 نوع من الأمراض متعلقة بظروف العمل و الاشتغال، تتقدمها أمراض الرئة و السرطانات ، ثم يليها أمراض العمود الفقري، البصر، الضغط الدموي ،الإجهاد وعدم التركيز وآلام الرقبة و الظهر و الرأس ، ناهيك عن حوادث الشغل التي قد تكون في بعض الأحيان مميتة .
التعاقد مع الفقر:
لا تستغرب ذلك فهي الحقيقة المرة !! لا شك أن الواحد منا في بداية مسيرته المهنية يتوجب عليه إيجاد عمل يناسبه و التعاقد مع شركة تؤدي له راتبا مقابل عمله ، لكن المشكلة أن يعتقد الشخص أن هذا هو الوضع الطبيعي و يقضي حياته في التنقل من شركة إلى أخرى باحثا عن زيادة بعض الدنانير ، و هو لا يعلم أنه كل مرة إنما يتعاقد مع الفقر ،فمهما كان راتبه فهو مشروط بقدرته على العمل و العطاء، و دون ذلك لن يتلقى فلسا و كلنا يعلم أن الصحة و الشباب لا يدومان و سيأتي يوم يهرم الإنسان و يصبح عاجزا عن العطاء فما العمل أنداك !!! .
إهمال العائلة:
لا يخفى عليكم أن متطلبات الحياة تزيد كل يوم عن سابقه، و بالتالي يجد الموظف نفسه في حاجة أن يبذل المزيد و المزيد من الوقت في العمل ليستطيع توفير بعض الزيادة في الدخل، و يستمر المسكين في مجارات نمط الحياة المتسارع حتى يصير المسكين يقضي جل وقته خارج بيته بعيدا عن عائلته و أهله، و لا يخفى عليكم أثر ذلك على الطفل و الشاب الذي هو في حاجة للمصاحبة و العطف و الدفئ العائلي أكثر من المال،و لعل جل ما نعيشه اليوم من آفات عائلية كانحراف الشباب و فشلهم الدراسي و الطلاق المتفشي في المجتمع لراجع لانعدام التوازن الأسري الحاصل في مجتمعاتنا جراء غياب الأب و انشغاله في العمل و في بعض الأحيان كلاهما معا مما يزيد الطين بلا .
ضاعت الرسالة فماذا تبقى:
باختصار شديد لا شيئ ! قال تعالى ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) كيف لمن هو غارق في ما سبق أن يجد وقتا لحمل هذه الأمانة و تبعاتها متى يحفظ كتاب الله , ! متى يطلب العلم ! متى يدعوا إلى دين الله ! متى يمشي في مناكب الأرض و يتفكر في ملكوت الله متى..متى.. متى فيا ضيعت المسلم حين يصير همه قطعة خبز !!! .